دايما عندي إقتناع لوتربيتنا كانت أتسابت لبابا كنا هنطلع مدللين زيادة عن اللزوم....... و ده
لأن بابا نادرا ما بيقول لحد فينا لأ .............لفترة طويلة من حياتي كنت بشوف
أن بابا ده بطلي الخارق- الحقيقة انا مش عارفه ده بيحصل لكل الناس و لا لأ-بس ده
حصل معايا كنت عايزه أبقى مهندسة زيه و
عايزه أروح كل الأماكن اللي راحها و هو صغير و عندي إستعدااد أدخل الجيش علشان
أعيش نفس التجارب اللي بابا عاشها......... كتير قوي بستغرب لما بقفش نفسي بعمل
بالظبط نفس الحركات اللي بيعملها ...بهرش في رأسي من ورا لما أبقى متوترة أو عايزة
أقول حاجة و مش عارفه.......أضحك أو ابتسم لما أتقفش متلبسة بعمل مقلب أو بتحجج
علشان معملتش حاجة........و بحسب المشاوير بالثانية واللي بيتسبب في تأخيري
المتواصل....... ده في حتى حروفأكتشفت أني بكتبها زي بابا بالظبط.....وكنت بنبسط جدا جدا لما حد يقولي
"انتِ شبه باباكي بالظبط".... قبل ما أسترسل في كلامي عن بابا أحب بس
أضيف أن أبويا عامل أساسي لوصولي لأي حاجة وصلتلها أو هوصلها في يوم من
الأيام....مش بس لأن كان دايما عنده إستعداد يعمل أي حاجة علشانا و لا لأنه معندوش
أي مشكله يدفع كل فلوسه علشان نبقى كويسين بس لأنه كان دايما ورانا بيشجعنا و
بيزقنا علشان نبقى أحسن ........ و كل مرة ألعب فيها و ألا أستعبط و أفتكر هيبقى
إيه شعوري لو قلت لبابايا أني جبت جيدجدا بدل إمتياز و لا أني سقطت أرجع لصوابي و
أحترم نفسي و أذاكر...... و ده مش خوف من العقاب و لا لأننا بنخاف منه الحقيقة
إحنا كلنا ما بنخفش من بابا على قد ما بنخاف على زعله ... لا أنا و لا ماما و لا
إخواتي نستحمل أنه يزعل من حد فينا....و أنا ما أفتكرش أن أبويا عمره مد إيده و
ضرب حد فينا إلا مرة واحدة شدني من وداني و فضلت زعلانه منه كام عليها....... و لا
العادي بتاع بابا أنه يتنرفز على حد فينا و يسمعه كلام مش لطيف ....... الشئ اللي
انا فاكره أنه من فترة قالي يا متخلفة بعد ما جالي نوبة من
الصراخ الهيستيري و أنا كنت مستغربة قوي الكلمة .....و علشان كده كان المحرك
الأساسي في علاقتنا بأبويا الحب
أبويا البشمهندس حسن سليمان أصغر إخواته و مع كده كان دايما العيلة بترجع
له علشان تأخد رأيه ....و لأن ابويا طيب و حنين و هادي و دمه خفيف فكان شئ طبيعي
أنه محبوب من كل أفراد عيلتنا و أصحابنا – لو تغضينا عن موضوع القرص للعيال
الصغيرة فبيخليهم يخافوا منه- دي كمان حاجة انا ورثتها من أبويا....... بابا كان
بيقرص ولاد عمتي الكبار وولاد عمتي الكبار كانوا بيقرصون و دلوقتي انا بقرص العيال
كلها..... و بابا و ماما الأتنين إجتماعين بيحبوا يخرجوا فمينفعش يجي أخر الأسبوع
غير لم لازم نخرج كلنا مع بعض نزور حد من قريبنا أو أصحابنا أو نروح أي منالأماكن
المحدودة في الرياض ....... وكنت كتير بسمع أمي تقول "سامعة ضحكت حسن اعلى
ضحكة في الأقعدين" ....... و أكتر حاجة مابنسهاش و تخليني متأكده أن عمر ما
في واحد هيفوز لوقارنته بأبويا أن و إحنا صغيرين كان لو أتسألنا بتحب مين اكتر
بابا و لا ماما؟؟ و أتلجلجنا و لا قلنا هما الإتنين يقولنا ما ينفعش أي حد يسألكوا
لازم تقولوا بنحب ماما أكتر....و الحقيقة أن كل مرة كان بيقولنا كده كنت بحس أني
بحبه اكتر- معلش بقى يا ماما- و من الحاجات التانية اللي أتعلمناها من أبويا أن
بغض النظر الأكل اللي إحنا بنأكله حلو و لا وحش و لا حتى محروق لازم بابا يقول "تسلم إيديكو" و لو عنده
تعليق بعد كده يقولوا "بس لو شوية ملح زيادة، لو شوية كمان على النار"و
كتير قوي لما نبقى معزومين على الغدا عند حد كان يهزر و يقول لأمي "تسلم إيدك
يا جين يا حبيبتي على الأكل" لدرجة ان عبدالرحمن أخويا و هو لسه طفل برئ كان
يأكل على الطيارة و يقول "شكرا يا ماما الأكل حلو قوي" بس طبعا ده كن
زمان..............
و في روتنيات كده بيني و بين بابا
ما أتغيرتش من زمان...يعني مثلا لازم أدعبس في الجرنال بتاعه قبل ما يقرأه و لازم
أبوسه بعد ما أستحمى –حدث لا يتكرر كثيرا- و لازم أجري أفتح له الباب و أحضنه لو
بيخبط...... و كل ما ألبس حاجة جديدة و ألاقي شكلي حلو أروح أوريه هدومي الجديدة و
أسأله "شكلي حلو" فيضحك قوي و يحضني و يبوسني و يقولي "زي اقمر يا
حبيبتي " و ساعات كده لما أعمل حركة بقالي عمر بعملها زي أني أقعد مثلا أحاول أجيب أخر نقطة أيس كريم
في العلبة و لا أقعد أشفط في علبة العصير بعد ما أخلصها أو أخد شفطة من كوباية
الميه قبل ما أديهاله أو أحط شوكتي في طبق أي حد (عادات سيئة بحاول السيطرةعليها)
يبوسلي كده و يضحك " و يقول روني هي روني مش هتتغير أبدا .......................
و دايما بتفاخر أني ما بعمل أكل و يطلع حلو إلا لما أكون بعمله لأبويا و تقريبا ده
التعويض الإلاهي عن إستحماله لكل الأكل المحروق و البايظ اللي اكله مننا........ و
مع أن بابا مش قارئ شره زيي و ما بيبحش خالص القصص و الروايات إلا أنه عمره ما
قالي ما تجبيش كتاب و لما كنت أجي من بره جيبه كتب بفلوس بلوزه و لا طرحه كان
دايما يقولي "أدخلي خببيهم بسرعة قبل ما ماما تشوفهم" و يديني فلوس
بدلها بس للأسف مصير الفلوس دي كان بيبقى مماثل لأخواتها
بابا كان دايما بيحكيلي عن مغامراته و هو صغير –أيام الجامعة يعني- و أذاي هو و أصحابه كانوا ليلة الإمتحان لازم
يروحوا السينما علشان يفرفشوا و عن صاحبهم الحريت اللي حبوا يعملوا فيه جميلة
فأخدوا معاهم السينما ليلة الإمتحان و الولد يا حرام سقط..... و على هذا الأساس
كان بابا كتير بيخرجني ليلة الإمتحان لحد ما دخلت الكلية و عرفت أن لازم تذاكر
لأخر لحظة يمكن تفلح- و كان بيحكيلي برضة أزاي كل صيف كان هو و أصحابه بيسافروا
إيطاليا في الصيف يقعدوا شهر أو أكتر و يرجعوا قرب الدرسة...و أزاي أن فلوسهم كانت
بتقضيهم في الأول بس و بعدين بقيت الشهر بيشتغلوا في المطبعة الصبح و يخررجوا
بليل...و أذاي لما دخل الجيش قعد أول 45
يوم يأكل بسكوت بس علشان مش عارف يأكل من أكلهم لحد ما بدأ ينزل إجازات ...... و
عن المرة اللي أتعاقب فيها و أشتغل في المطبخ بتاع الجيش و أنه كانوا بيقطعوا كل
الخضار و يرموه على بعض من غير تقشير ولا غسيل و عن مشروع مد خطوط المية اللي كان
بيشتغل فيها في الجيش و أذاي أنه رفض أنه يتثبت في الجيش.......و أذاي أن عمي
طلعوا من أشبال الزمالك علشان سقط في الإنجليزيفي تانية إعدادي- طبعا مش محتاجة
أقول اني زملكاوية بالوراثة.... و عن أذاي
هو و ماما أتقابلوا في كورس إنجليزي في المركز الثقافي
الإنجليزيو عن الأماكن اللي راحوها في اليونان في شهر العسل ...و عن كل البلاد
اللي راحها تبع الشغل......و كتير كان يحكيلي عن جدتي – الله يرحمها- و أصحابه
اللي كانوا في أي وقت ببجوا عندهم علشان يتغدوا حتى ساعات و بابا مش موجود.....
الحقيقة حكاوي بابا كانت داايما ممتعة بالنسبة لي مهما تكررت
أبويا علمنا حاجات كتير ...علمنا أن إحنا لازم
نحترم الناس كلها مهما قل مكانهم او عملهم كان بسيط...زعلمنا أن المفروض تتقن عملك
و تديلوا حقه حتى لو مش هتاخد حاجة منه .. و علمنا أن الناس بتحترمك لو أنت
محترم.....و علمنا أن لازم يبقى عندك حلم تسعى وراه ...علمنا أذاي نحب نفسنا و نحب
الأخريين...علمنا ان الدفا و الأمان أصلهم البيت.... و فوق كل ده علمني أن الرجل
مش اللي يعلي صوته و يبهدل في أهل بيته طول النهار لأ الرجل اللي بجد اللي تبقى
كلمته مسموعة مش من باب الخوف لكن من باب الحب و الإحترام