في حياة كل واحد مننا ناس كتير.....ناس قعدت ساعة، يوم و ناس قعدت شهور و سنين..... و في ناس مشيت من زماااااان بس لسه موجودين ، لأننا بنفتكرهم على طول ساعات بالضحك و ساعات بالدموع....... وفي ناس مش فاكرين منهم أي حاجة غير وجع و حلم ضاع معاهم....... وورا كل واحد من الناس دي حدوتة عايزة تتحكي

السبت، 5 ديسمبر 2015

الوردة

استيقظت على صوت "ترك ترك".....تثائبت في أشعة الشمس و جلست بعناية وسط صديقاتها و استنشقت عبيرهن اللذي يملء المكان
و وجدت نفسها تغطى بعناية داخل ورق بني خشن و تربط مع زميلاتها بدبارة غليظة.....
*وصل الطلبية دي لمحل الورد اللي في غمرة
- و ده أروحله أزاي يا ريس
* خد أتوبيس ستة و تلاتين بشرطة  هتنزل قدامه بس خلي بالك من الورد لو حاجة منه باظت هخصمه من مرتبك
حملها الرجل هي و زميلاتها بعناية فائقة و أخذ يتمتم "بدل ما يقولي خلي بالك من نفسك يقولي خالي بالك من الورد ....إيه اللي هيحصل للورد يعني ...كده كده كلها كام يوم و يموت"
لم ترتاح للرجل و كلامه و شعرت بغصة في حلقها لقد استيقظت منذ دقائق فقط فما الذي يعنيه بالموت!!
ما أن ركبن الأتوبيس مع ذلك الرجل حتى شعرت بصفعة  شديدة على وجها
- حاسب يا عم....حاسب عالورد...بص عملت إيه في الوردة!!
نظرت إلى أوراقها الحمراء الصغيرة التي سقطت منها ....أخذ الرجل يلملمهم الأوراق و يقول بصوت منخفض "متزعليش يا وردة.... هتلاقي حد يشتريكي برضة"
هذا الرجل غريب يقول أشياء عجيبة من يشتري ماذا و لماذا لن يرغب أحد بشرائي!!! وصلوا لوجهتم أخيرا و أخفها الرجل وسط زميلاتها بعناية
- أتفضل يا حج أحمد الورد اللي طلبته...كله تمام أهو!!
# تسلم إيدك ...أنت جيت في وقتك لسه البيه هنا كان عايز ورد بلدي أحمر..... حسابنا كام
تنفست الصعداء ما أن فك  عم أحمد الدبارة الغليظة ووضع سيقان الوردات جميعا بالماء ....أحست بإنتعاش شديد ما أن بدأ الماء بالتسرب إليها
# ما تقلقش يا بيه أن هعملك بوكيه جميل.....عايز إيه مع الورد الأحمر...أحطلك أبيض معاه إيه رأيك في الورد ده!!
- لأ أنا عايزه أحمر بس من غير ورق أخضر
# تحب أربطهولك في ورق كريشة أحمر من ده و لا ورق سلوفان شفاف كفاية
- لا ده و لا ده ....أربطه بشريطة بيضاء أو حمراء بس... أكمل الرجل بصوت منخفض "هي بتحبه كده ورد بلدي أحمر مربوط بشريطة زي ما جبتهولها أول مرة
أمسك بها عم احمد ليضعها بجوار زميلاتها لتذهب مع البيه
- لأ لأ يا عم احمد بلاش الوردة دي.... دي واقع منها ورق ...حطلي اللي هناك دي لو سمحت احلى
# أمرك يا بيه...بلاش دي
شعرت بحزن شديد لماذا لا يريدها البيه!!! ما عيب الذي يمثله سقوط بعض الأوراق في جمالها أو في عبقها!! و من قال أنها يجب ان تبدو مثالية !!

فتح عم أحمد الراديو و انساب صوت نجاة الدافئ " يا أجمل ليلة في عمري حبيبي جاي....يااااا وردة بيضة في شعري حبيبي جاي..... يااااا عقد ياقوت على صدري حبيبي جاي"
#و الله أنا لو منك يا ست نجاة كنت حطيت في شعري وردة حمرا ...واحدة من الورد الأحمر الحلو اللي هنا ده"...... بدا المتجر في الإزدحام بالبائعين و الشارين
عم أحمد الأستاذ بيسأل الورد الأبيض اللي هناك بكام
عم أحمد هو عندنا قرنفل جوه
عم أحمد فين الكوريشة الأزرق
و في وسط هذا الزحام أقتربت منهن فتاة خمرية نحيلة و قالت "الورد ده حلو قوي..... يا محمد تعالى بص كده إيه رأيك في ده  هيليق قوي عالفستان
# أؤمري يا أنسة
- أنا عايزة ورد من ده علشان بوكية الفرح بتاعي
# ألف مبروك !! تحبي حضرتك ورد تاني معاه....و تحبي كام وردة و هتأخديهم امتى
- بكرة الصبح انشاء الله... أختي هتعدي تأخدهم ...و عايزة أحمر على أبيض.......هو أنا ممكن أنقي الورد
#ايوه طبعا أنا هسيبك تنقيهم واحدة واحدة و أعنهم جوه في التلاجة لحد بكرة الصبح انشاء الله
أخذت تدعي أن تختارها الأنسة فتكون غدا ضمن باقة العروس لتشاركها سعادتها في هذا اليوم التاريخي....
- أنا هأخد 15 وردة حمراء و عايزة خامسة بيض في النص
مع كل وردة تنتقيها العروس كانت تشعر بالخوف و يخفت الأمل في قلبها إلا أن انتهت العروس من انتقاء خمسة عشر وردة من زميلاتها  و حملهم عم أحمد بفخر "مش هتلاقي أحلى من الورد البلدي اللي في محلي و ألف ألف مبروك متنسيش تقولي عالمحل لكل صحباتك"
شعرت بحزن شديد و أخذت تنظر إلى من تبقى من زميلاتها ...هل يشعرن بالقلق مثلها أم أنهم لا يهتمون بمصيرهن و يكفيهن الإسترخاء الذي يشعرن به في هذا الحوض!!! قطع أفكارها اقتراب شاب حزين منهن و أخذ ينظر إليهن و تساقطت دمعه من عينيه "لو سمحت عايز بوكيه ورد من ده"
#"كام ورده يا بشمهندس"
-"اي حاجة خمسة ستة ...بس حطلي أخضر كتير فيه"
# "طب في إيه بس يا بشمهندس....بتعيط ليه دلوقتي....حد يشتري  ورد حلو زي  ده لحد و يعيط"
-"أصل ده لأمي" و أخذ يبكي بصوت مرتفع
# "و اللي يشتري ورد لأمه يعيط كده.... معلش يا بني معلش كله هيتصلح"
- "و اللي ميتصلحش يا عم"
# "هيعدي....يا ما دقت عالراس طبول؟؟؟أقعد بس هنا واد يا بندق هات للبشمهندس كوباية لمون ساقعة  عقبال ما أجهز الورد" ابتعد عم أحمد عن الشاب و أخذ يتمتم "لا حول و لا قوة إلا بالله...ربنا يرحمها و يصبرهم"
مسكين هذا الشاب ربما يكون لهذا لم تذهب مع العروس....لتذهب مع هذا الشاب و تسبح على قبر والدته لتعطيها الثواب.....هذه المرة هي واثقة أن عم أحمد سيختارها ! و لكن هذه المرة إيضا بقت هي و خمسة من زميلاتها ....... أخذ ضوء النهار يخبو و استكانت الوردة لم يعد هناك داعي للقلق...فلن يبدل القلق مصيرها ....ارتفعت صوت ضحكات و انفتح باب المتجر عن امرأتان عجوزتان
*"علشان متقوليش أني حرمتك من حاجة .....أيس كريم و جبتلك و ورد و هشتريلك.....عايزة ورد إيه"
- "وردة بلدي أحمر....خمس وردات "
#" طب ما تأخدي ستة مش فاضل عندي غير ستة"
"لأ هم خمسة بس " قالتا في نفس الوقت... ثم أوضحت إحداهما "واحدة لكل عشر سنين نعرف فيها بعض....أصل إحنا بقالنا خمسن سنة صحاب..... و إنهارده عيد ميلادها الستين"
# "ربنا يديم المعروف....ثواني و يكون الورد جاهز" هذه المرة لم تتأمل حتى و قبل أن يمد عم أحمد يديه عرفت أنه لن يلتقطها ..... وفعلا ألتقط عم أحمد الخمس وردات الباقيات و تركها وحيدة ....بدأت تشعر بالبرد في هذا الحوض الكبير....و أخذت الحركة تخفت في المتجر تدريجيا حنى لم يتبقى سوى عم أحمد فقط في المتجر مرة أخرى ...... أخذ عم أحمد يتمتم ببعض الأدعية و الشكر لله ...و أخذ يعيد كل شئ في معادة ....بدأت تشعر بالنعاس و بدأ رأسها يثقل و جسدها يضعف و أقترب منها عم أحمد "و الله صعبان عليه أرميكي.... الله يسامح اللي خبطك الخبطة دي.... بس معلش " ألتقطها عم أحمد من الحوض و وضعها على الطاولة لدقائق و قبل أن يلتقطها ليرميها سمع دق على باب المتجر الزجاجي الذي أغلقه ...ما أن اقترب من الباب حتى رأى صبي صغير تقريبا في السابعة "معلش يا عمو  معلش و النبي أفتحلي"
فتح عم أحمد الباب ....عايز إيه يا حبيبي"
أخذ الصبي يلتقط أنفاسه بسرعو و يقول "عايز .........وردة ....حمراء........ متقلقش أنا...... معايا فلوس..... كتير أنا ....... حوشتهم.......أتفضل اتنين جنية"
ضحك عم أحمد ضحكة عالية طب أتفضل يا سيدي معنديش غير وردة واحدة ....إيه رأيك فيها" نظرت الوردة إلى الصبي في يأس و لكنها فوجئت به يصفق و يقول "دي حلو قوي"
ضحك عم أحمد مرة أخرى و قال للوردة "شوفتي يا ستي أديكي استنيتي كل ده علشان يجيي اللي يقدرك و يفرح بيكي" ثم وجه كلامه للصبي "اربطهالك بشريطة"
"لأ هي حلوة كده"
"طب هتديها لمين؟؟!"
"لأ ده سر مش هقولك"
حملها الولد بفخر شديد و خرج من المحل  و شعرت هي بسعادة غامرة ثم نظر إليها الصبي بفرح و قال لها "شكرا يا وردة أنك استنتيني"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق